عدد الزوار
سورية والعراق: أبعد من خطوة فتح معبر القائم الحدودي

بعد إقفالٍ استمر لعدة سنوات، جاء قرار الحكومة العراقية بإعادة فتح معبر القائم وتشغيله من جديد، ليعيد طرح السؤال الآتي: ما أهمية إعادة فتح المعبر؟ وماذا يعني فتح المعبر في الظروف الراهنة؟ وكيف يمكن أن ينعكس ذلك بصورة جيدة على الاقتصادَيْن السوري والعراقي؟ وهل المطلوب أكثر من فتح المعبر والنقل البري؟
يُعدُّ معبر القائم شرياناُ اقتصادياً مهماً، يربط سورية بالعراق، ويعمل فتحه من جديدٍ على توسيع أفق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ يساعد في تسهيل حركة انتقال الأشخاص، وتنشيط تجارة العبور والترانزيت، وزيادة حجم المبادلات التجارية، وخفض التكاليف، واختزال الزمن، وتنفيذ العمليات بزمنٍ قياسيّ أقل.
إن عملية إغلاق المعبر، التي تمّت منذ سنوات، جاءت في الواقع كنتيجة لأسبابٍ كثيرة وعوامل متعددة، يندرج في مقدمتها الظروف الأمنية غير المناسبة، ومجريات العمليات العسكرية التي كانت تجري على طول جغرافيا الطريق وعرضه. وقد سبّب هذا الإغلاق في كافة الأحوال بخسائر اقتصادية ومالية كبيرة، أصابت الاقتصادَيْن السوري والعراقي على حدّ سواء، جرّاء توقف المبادلات التجارية، وحركة العبور والترانزيت، وحركة المغادرين في الاتجاهين، ما جعل مستوى التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية بين البلدين ينحصر بحدود إمكانات وسائط وأدوات النقل الجوي فقط، وهو ما لا يلبي المصلحة الاقتصادية ولا التجارية، ولا يحقق النفع المرجو للبلدين، نظراً لارتفاع التكاليف وانخفاض حجم الكميات التي يمكن أن تُشحن أو تُنقل عن طريق وسائط النقل الجوي، في الوقت الذي لا تتوافر فيه الشروط الاقتصادية، ولا الجدوى المتوقعة من النقل عن طريق البحر.
مع عودة الأمن والاستقرار، واستعادة جغرافيا الطريق وما حوله، وتحريرها من قبضة الإرهاب، ورغم الضغوط الأمريكية، وقيود العقوبات الاقتصادية الغربية المتشددة التي استهدفت تضييق الخناق على الشعب السوري، وعرّضته لابتزاز بشع، واستغلال كبير، يُمارسان عليه بقسوة وظلمٍ في السوق السوداء من قبل الوسطاء والوكلاء والمافيا المحلية والخارجية. اتجهت الحكومة العراقية، لاتخاذ قرار استراتيجي يقضي بإعادة فتح المعبر، وتشغيله من جديد. وهو قرار سيساعد إلى حدٍّ كبيرٍ، في تنشيط الاقتصادَيْن السوري والعراقي، وتحفيز فرص النمو، وتوسيع نطاق عمليات المبادلات التجارية البرية التي تعدُّ الأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.
إن سورية والعراق دولتين جارتين، تربطهما حدود جغرافية طويلة، وتتوافر لدى الطرفين، شروط التكامل والتخصص، كما تتوافر في الاقتصادَين متطلبات وشروط تعميق نطاق العلاقات الاقتصادية، وتوسيع مضامينها. فسورية تمتلك الموانئ الاستراتيجية المطلة على المتوسط، القريبة من أوروبا والغرب، وتتوافر لديها الإمكانات الزراعية والسياحية، وبعض الصناعات المتوسطة والحرفية، وتتوافر لديها الموارد البشرية. كما تتوافر لدى العراق بالمقابل أيضاً، موارد الطاقة والنفط، إضافة إلى الموارد والإمكانات البشرية الهائلة، في الوقت الذي يحتاج فيه العراق بقوة إلى الموانئ الاستراتيجية، والخطوط الدولية والمعابر التي تختصر المسافة والزمن نحو أوروبا والغرب. ما يعني أن سورية تعدُّ فرصة حقيقية للعراق، كما يعدُّ العراق فرصة حقيقية لسورية.
في كافة الأحوال، تعدُّ عملية إعادة فتح المعبر بين سورية والعراق خطوة مهمة في الظروف الراهنة، يجب أن تُستتبع بخطوات أخرى، تنطلق من منظور المصالح الاستراتيجية للبلدين الجارين، وضرورة الاستفادة بصورة مكثفة من المزايا النسبية للاقتصادَين، بما في ذلك تنشيط تجارة الترانزيت والمبادلات التجارية، وعمليات النقل البري، والعمل المكثّف لإنشاء خط حديدي استراتيجي يربط بين المرافئ السورية (طرطوس واللاذقية وغيرها) المطلة على المتوسط وبين ميناء البصرة ومياه الخليج، ومن عمق العراق إلى الجمهورية الإسلامية في إيران ومنها إلى آسيا .المصدر: الاقتصاد اليوم
 
 

®إنضم لفريق المتميز للتسوق الإلكتروني
ليصلك كل جديد